Sunday, December 28, 2008

نسألكم الدعاء لأهلنا في غزه

نسألكم الدعاء لأهلنا في غزه

اللهم يا ربنا إن إخواننا في غزة يشكون إليك ضعف قوتهم وقلت حيلتهم وهوانهم على الناس أنت ربنا وربهم إلى من تكلهم , إلى بعيد بتجهمهم أم إلى عدو ملكته أمرهم , إن لم يكن بك غضب عليهم فلا يبالون غير أن عافيتك هي أوسع لهم , نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل علينا وعليهم غضبك , لك العتبى حتى ترضى , ولا حول ولا قوة الا بك

إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون

هل الروح هي سر الحياة ؟

هل الروح هي سر الحياة ؟
بقلم : د. عبدالهادي مصباح


عندما كنت أدرس علم الأجنة في التشريح منذ خمسة وثلاثين عاما كنت أقف مندهشا أمام هذا الوصف القرآني المبهر لتطور مراحل الجنين منذ مرحلة النطفة وحتي لحظة الولادة, ومنذ عشرين عاما شاهدت فيلما أثناء وجودي بالولايات المتحدة بعنوان معجزة الحياة يصور هذه المراحل لأول مرة داخل رحم الأم, وكنت أكثر انبهارا واندهاشا, ولكن ظل هناك سؤال يراودني ويؤرقني لأنني لم أجد له إجابة شافية ألا وهو: إذا كانت هذه المراحل قد أصبحت مؤكدة وتري رؤية العين, ونري آثار الحياة واضحة وجلية فيها, فنري الجنين عند4 أسابيع من بداية الحمل تبدأ ظهور جذور أو براعم اليدين لديه ويبدأ تشكيل العيون

وعند 5 أسابيع يبدأ تكوين الأنف, وعند6 أسابيع( شهر ونصف) تبدأ ظهور جذور الرجلين ويكون طول الجنين حوالي1,5 سم, ويعوم في السائل الأمنيوس الذي يحيط به, وعند7 أسابيع يبلغ طول الجنين2 سم, ونستطيع أن نسمع ونري من خلال الموجات فوق الصوتية القلب وهو ينبض, وذلك قبل أن يكمل الجنين شهرين من بداية الحمل, ويمكنه أن يحرك يديه ويبدأ تكوين الأصابع وحركتها, وكذلك الأعضاء الداخلية مثل الكبد وعدسة العين والأعضاء التناسلية, وكذلك عظام الجمجمة التي تبدأ في التكوين والالتقاء ببعضها وتكثر فيها الأوعية الدموية لكي تنمو وتقفل علي المخ

وعند8 أسابيع( شهرين) تبدأ تكوين عظام القدمين والغضاريف, وعند عشر أسابيع يتحرك الجنين ولكن لا تشعر الأم بحركته, ويبدأ ظهور الأذن ويكون طول الجنين في هذا العمر حوالي5 سم, أما عند11 أسبوعا فينمو الجنين ويصبح طوله6,5 سم, وعند12 أسبوع(3 أشهر) يصبح طوله7,5 سم ويظهر الحبل السري الذي يربط الجنين بأمه ويتغذي من خلاله, وعند14 أسبوع يشبك يديه ويمص أصابعه, وعند15 أسبوعا يكتمل تكوين الأعضاء الحسية والأعصاب, وعند16 أسبوعا يلف داخل رحم الأم وهنا تبدأ الأم تحس بحركته لو كان عندها خبرة سابقة بالحمل والولادة.

شاهدت كل هذا بنفسي وكنت أتعجب عندما أقرأ الحديث الشريف عن ابن مسعود: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يجمع أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يأمر الله ملكا فينفخ الروح فيه ـ متفق عليه, إذن نفخ الروح لا يتم إلا بعد أربعة أشهر من الحمل, ولذا أباح بعض الفقهاء الإجهاض لأسباب طبية قبل مرور هذه المدة, وحرمه البعض الآخر علي أساس أنه كائن حي لا يجب قتله, فكيف إذن يتحرك هذا الجنين, وينبض قلبه, ويمص أصابعه, وكلها من مظاهر الحياة التي يعتقد معظمنا أن الروح هي مصدرها مع أنه لم ينفخ فيه الروح إلا بعد أربعة أشهر من الحمل ؟

الحقيقة أن محاولة الإجابة علي هذا السؤال دفعتني إلي محاولة البحث والقراءة في ماهية الروح, ولعل البداية المنطقية لكي نجيب عن هذا التساؤل أن نحاول أن نصيغه بأسلوب آخر: هل الروح حقا هي سر الحياة علي الرغم من وجود حياة بالفعل في الجنين بمقاييسنا الطبية, حتي قبل نفخ الروح فيه حسب الحديث؟
والإجابة التي استراح لها عقلي بعد كثير من القراءات هي ما ذكرها الدكتور أحمد شوقي إبراهيم زميل كلية الأطباء الملكية وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية في كتابه أسرار النوم ـ رحلة في عالم الموت الأصغر والتي يقول فيها: إن الروح ليست سر الحياة, فسر الحياة سابق علي نفخ الروح, فسر الحياة بالجسم يحمله كل من الحيوان المنوي والبويضة, وبالتالي تحمله البويضة الملقحة والنطفة الأولي منذ اليوم الأول من الحمل, وسر الحياة هذا مستمد من النفس الواحدة الأولي التي قال عنها المولي عز وجل ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة, وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء النساء(1)

وهي النفس التي خلقها الله في آدم, وجعل فيها سر الحياة في الجنس البشري كله, ويستمر سر الحياة في جسم الإنسان كله حتي يتوفي الجسم, وينتقل هذا السر أثناء حياته إلي ذريته من خلال أمشاج الذكر والأنثي في الحيوان المنوي والبويضة, ونجد ذلك في قول الله عز وجل الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين السجدة(7), هذا عن خلق الجسم المادي من تراب الأرض, والتراب والماء يكونان الطين, وماذا عن سر الحياة التي ينتقل إلي الذرية ؟ يكمل د. أحمد شوقي إبراهيم: قال تعالي ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون السجدة8 ـ9, إذن فسر الحياة ينتقل من إنسان إلي إنسان, وإذا توفي الجسم خرج منه سر الحياة, ويعود الجسد إلي التراب الذي خلق منه.

والحقيقة أنني وجدت معقولية في هذا التفسير خاصة مع التطور العلمي الذي يمكننا من أخذ نواة خلية بشرية في المعمل, ووضعها في بويضة مفرغة من جيناتها الوراثية, لتبدأ في تكوين خلايا جنينية إما أن نزرعها في رحم الأم لعمل استنساخ كامل, أو أن نأخذها كخلايا جذعية يمكن توجيهها لتكون خلايا قلب ينبض, أو خلايا كبد, أو خلايا عصبية.. إلخ, فهذه الخلايا بها سر الحياة, فهي حية وتؤدي وظائفها, ولكن لا توجد بها روح إلا إذا وضعت في رحم الأم في مرحلة معينة, ونفخ فيها الملك الروح لكي تصبح كائنا حيا كاملا, ومن هنا نتساءل: ماهي خصائص هذه الروح؟
يقول الله عز وجل: إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين0 الحجر29), فالله سبحانه وتعالي قد خلق آدم جسدا, ولكنه لم ينتفع بما خلقه الله فيه من سمع وبصر وحياة إلا بعد نفخ الروح فيه,( ثم سواه ونفخ فيه من روحه) السجدة9, أي أن هذه الروح لها صفة من صفات الله وهي الخلود, وهذا معناه أن روح الإنسان لا تنتهي بانتهاء الجسد وموته, ولكنها تنتقل من الحياة الأرضية إلي حياة عالم البرزخ, وفي يوم القيامة تعود الأرواح إلي الأجساد بعد النفخ في الصور, ويقوم الناس أحياء يبصرون( ثم نفخ فيه أخري فإذا هم قيام ينظرون) الزمر68

ولقد جاءت النصوص لتدل علي أن الروح تنفخ في الجنين من ضمن مراحل خلقه, كما أخبرتنا أنها تقبض وتنزع, وبما أن الله عز وجل يأمر الملك بأن ينفخ الروح في جسم مادي ـ وهو جسم الإنسان ـ إذن فالروح عبارة عن طاقة وليست مادة, لأن المادة لا تستطيع أن تخترق مادة, وبما أن المولي عز وجل وصف نفسه بالنور الله نور السماوات والأرض, وهو سبحانه ينفخ من روحه في بني آدم, إذن فإن هذه الروح عبارة عن طاقة تولد مجالا كهرومغناطيسيا يوجد في داخل الإنسان, ويكون شكل هذه الطاقة مماثلا لشكل الجسم المادي للإنسان. ويعتقد البعض أن للإنسان لحظة ميلاده جسدين:1 ـ جسد مادي: وهو الجسد المادي المرئي في حياتنا, ويكون في الأرض فقط, ويحمل مقومات وسر الحياة منذ الخلق الأول حسب إرادة الخالق عز وجل.

2 ـ جسد أثيري: لطيف وشفاف وهو مطابق للجسم المادي( وترافقه الروح والعقل) ويكون في الأرض, ويتصل هذان الجسدان ببعضهما البعض اتصالا وثيقا طيلة الحياة الأرضية عن طريق ما يسمي الحبل الفضي, وينفصل هذان الجسمان في حالتين: ا ـ انفصال مؤقت في حالات النوم والغيبوبة الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخري إلي أجل مسمي إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون( سورة الزمر:42), وبذلك تتحرر الروح أثناء النوم, وتخرج من قيود الجسد التي تحد من قدرتها وامكاناتها لتدخل حالة الوفاة, وهي حالة خاصة يظهر فيها من وقت لآخر ما لتلك الروح من قدرات يختفي معها حاجز الزمان والمكان, فهي تستطيع أن تستقبل ما لا يدركه الإنسان بحواسه المعروفة

وهذا ما يفسر شعور الإنسان وكأنه فجأة وصل للتو من مكان بعيد, وذلك عندما يصحو من نومه العميق فجأة بسبب عودة الجسد الأثيري إلي الجسد المادي عنوة وبشكل مفاجيء, ويتم استدعاؤه بواسطة الحبل الفضي.

ب ـ انفصال تام وذلك بموت الإنسان: ولقد حدثنا الله عز وجل أنه وكل بعض ملائكته بقبض أرواح العباد قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم السجدة11.

3 ـ بعد الوفاة تنتقل الروح للعيش في عالم البرزخ, وهو عالم واسع جدا ليس كعالمنا الأرضي. ويمكن تشبيه ذلك بطفلين توأم, قبل الولادة يكون كل عالمهما داخل رحم وأحشاء أمهما, ويتوقعان أن هذه هي الحياة, وعندما تجيء ساعة الولادة ينزل الأول ويري العالم الذي نعيش نحن الآن فيه, فينبهر ويدهش: كيف كنت في هذا العالم الضيق ؟ ولماذا لم ير أخي هذا العالم الواسع ؟ ويتمني لو أن أخاه يلحق به, بينما أخوه الذي لم يولد بعد لا يزال يتساءل: لقد فقدت أخي وذهب بعيدا عن عالمي, تري أين ذهب أخي.. هذا مثل حالنا وحال من مات منا.